نظّم "ثينك تانك البحث والابتكار التربوي الوطني" في المركز التربوي للبحوث والإنماء، ورشة عمل بعنوان "استثمار نتائج البحث في السياسات التربوية: من الفكرة إلى التنفيذ"، وذلك في مطبعة المركز في سن الفيل، في حضور تربويين وباحثين وممثلين لشركاء محليين ودوليين.
شارك في الورشة ممثلون للوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، و"كونسورتيوم نتفاعل"، إلى خبراء تربويين من المركز، ومنسقين وميدانيين، وعدد من الأساتذة والباحثين المنفّذين لدراسة "التربية على المواطنيّة". وشكّل اللقاء فرصة لعرض التجربة البحثية المشتركة بين المركز والجهات الأكاديمية، وتقييم مدى قابليتها للتطبيق في البنية التربوية اللبنانية.
افتتحت اللقاء منسقة لجنة المواطنة في المركز الدكتورة بلانش أبي عساف، مؤكدة أهمية ترسيخ المواطنة في المناهج كقيمة وممارسة حياتية، وليس فقط كمفهوم نظري يُدرّس. بعدها، قدّمت منسقة "ثينك تانك" البروفيسورة إيمان خليل عرضًا لأهداف المشروع ومسار عمله، مشيرة إلى أن "الثينك تانك" يشكّل مساحة دائمة لربط نتائج البحث العلمي بالقرار التربوي، وعرّجت على أبرز الدراسات المنجزة في هذا الإطار، ومنها دراسة "التربية على المواطنيّة" التي شكّلت محور اللقاء.
تخلل الورشة عرض تفصيلي لنتائج الدراسة، قدّمه الفريق البحثي الذي عمل على تحليل أبعاد المواطنيّة لدى الفئات التربوية المختلفة، المعلّمين والمتعلمين والمديرين والأهل، إلى جانب المواطنيّة الرقمية.
وشددت التوصيات على أهمية إشراك المتعلّمين في الحياة العامة، وترسيخ قيم التعددية والحوار والمسؤولية المجتمعية، بالإضافة إلى التوعية على مخاطر الفضاء الرقمي وأهمية السلوك المسؤول عبر الإنترنت.
وانقسم الحضور إلى ورشتي عمل تناولتا "المواطنيّة الفاعلة" و"المواطنيّة الرقمية"، وناقش المشاركون إمكانات إدراج هذه القيم والمفاهيم في صلب المناهج الجديدة، من خلال الأهداف، والمحتوى، وآليات التعلّم، والتقويم.
وطُرحت أمثلة عملية على كيفية تنفيذ نشاطات صفية تُنمّي حس المبادرة والانخراط في القضايا العامة، إضافة إلى أفكار لتعزيز التثقيف الرقمي في المراحل الابتدائية والثانوية.
وشكّلت الورشة مساحة تفاعلية قيّمة لتبادل الخبرات بين العاملين في الشأن التربوي، وسلطت الضوء على أهمية الانتقال من "الصف التقليدي" إلى بيئة تعلم تُشرك التلميذ كمواطن ناشط في محيطه، وليس كمتلقٍ سلبي للمعرفة. وقد برزت دعوات لجعل المواطنة جزءا لا يتجزأ من رؤية المدرسة اللبنانية الحديثة.
خلال اللقاء، ألقت رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء البروفسورة هيام إسحق، كلمة أكدت فيها أن "نتائج الدراسة لن تبقى حبرًا على ورق، بل سيتم العمل على ترجمتها إلى سياسات ومناهج تعليمية تعكس تطلعات المتعلمين والمجتمع".
وقالت: "نعمل على إدماج المواطنة الفاعلة والرقمية كمكوّن أساسي في الإطار الوطني للمناهج، ليس فقط كمادة تعليمية، بل ككفاية مستعرضة تُزرع في كل المراحل الدراسية، بهدف تنشئة جيل قادر على المشاركة، والمساءلة، والانخراط الواعي في الشأن العام."
وشددت على أهمية الشراكة مع الجهات الرسمية والمجتمع المدني "لضمان تفعيل المواطنة الرقمية، من خلال التربية على الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا ووسائل التواصل".
وأضافت إسحق أن "المركز التربوي يضع ضمن أولوياته في عملية تطوير المناهج، العمل على بناء شخصية المتعلم اللبناني كمواطن مسؤول، يعي حقوقه وواجباته، ويُتقن التفكير النقدي، والتحليل، والتفاعل الإيجابي مع محيطه.
وختمت مؤكدة أن "المركز يسير في ورشة إصلاحية واسعة، بالشراكة مع وزارة التربية، والجامعات، والمؤسسات الداعمة، لتحقيق نظام تربوي عصري، منفتح وإنساني، يواكب التحوّلات ويخدم لبنان".
شددت التوصيات على أهمية إشراك المتعلّمين في الحياة العامة، وترسيخ قيم التعددية والحوار والمسؤولية المجتمعية.